الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
2771 - (أهل شغل اللّه) بفتح الشين وسكون الغين وبفتحتين (في الدنيا هم أهل شغل اللّه في الآخرة وأهل شغل أنفسهم [ص 68] في الدنيا هم أهل شغل أنفسهم في الآخرة) لأن الآخرة أعواض وثواب مرتب على ما كان في النشأة الأولى قال ابن عطاء اللّه: الدار الدنيوية بيت العمل وأساس الخير لأهل التوفيق والشر لغيرهم لأن فيها ما ليس في الدار الآخرة وهو كسب الأعمال وكل سر لم يظهر في الدنيا لم يظهر في الآخرة
- (قط في الأفراد فر عن أبي هريرة) بإسناد ضعيف.
2772 - (أهون أهل النار عذاباً) أي أيسرهم وأدونهم فيه (يوم القيامة رجل) لفظ رواية مسلم لرجل أي هو أبو طالب كما يجيء (يوضع في أخمص قدميه جمرتان) تثنية جمرة وهي القطعة من النار الملتهبة (يغلي منهما دماغه) وفي رواية للبخاري يغلي منهما أمّ دماغه قال الداودي: المراد أمّ رأسه وأطلق على الرأس أم الدماغ من تسمية الشيء مما يجاوره وفي رواية ابن إسحاق يغلي منه دماغه حتى يسيل على قدميه وحكمة انتعاله بهما أنه كان مع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بجملته لكنه كان مثبتاً لقدميه على ملة عبد المطلب حتى قال عند الموت هو على ملة عبد المطلب فسلط العذاب على قدميه فقط لتثبيته إياهما على ملة آبائه الضالين قال الغزالي: انظر إلى من خفف عليه واعتبر به فكيف من شدد عليه؟ ومهما شككت في شدة عذاب النار فقرب أصبعك منها وقس ذلك به انتهى وتمسك به من ذهب إلى أن الحسنات تخفف عن الكافر وقال البيهقي: ولمن ذهب لمقابله أن يقول خبر أبي طالب خاص والتخفيف عنه بما صنع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم تطييباً لقلبه وثواباً له في نفسه لا لأبي طالب فإن حسناته أحبطت بموته كافراً.
- (م عن النعمان بن بشير) الأنصاري لكن لفظ رواية مسلم من حديث النعمان إن أهون وإنما قال أهون في حديث ابن عباس الآتي فهذا مما لم يحرر المؤلف فيه التخريج.
2773 - (أهون أهل النار عذاباً أبو طالب) عم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم (وهو منتعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه) هذا وما قبله يؤذن بموته على الكفر وهو الحق ويزعم بعض الناس أنه أسلم قال الزمخشري: يا سبحان اللّه أكان أبو طالب أخمل أعمامه حتى يشتهر إسلام حمزة والعباس ويخفى إسلامه؟ انتهى وأما ما رواه تمام في فوائده من حديث ابن عمر إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي وأخ لي كان في الجاهلية فتناوله المحب الطبري في حق عمه على أنها شفاعة في التخفيف كما في مسلم قال ابن حجر: ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الأحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب ولا يثبت منها شيء وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة عن علي قال: لما مات أبو طالب قلت: يا رسول اللّه إن عمك الشيخ الضال قد مات قال: اذهب فواره قال: إنه مات مشركاً قال: اذهب فواره وفيه أن عذاب الكفار متفاوت وأن الكافر قد ينفعه عمله الصالح في الآخرة. قال ابن حجر: لكنه مخالف للقرآن، قال تعالى
- (حم م عن ابن عباس) وفي الباب أبو سعيد وجابر وغيرهما.
2774 - (أهون الربا) بموحدة تحتية (كالذي ينكح) أي يطأ (أمه) في عظم الجرم وفظاعة الإثم (إن أربى الربا) أشده وأعظمه (استطالة المرء في عرض أخيه) في الإسلام أي احتقاره والترفع عليه والوقيعة فيه وذكره بما يؤذيه أو يكرهه.
- (أبو الشيخ [ابن حبان]) في كتاب (التوبيخ عن أبي هريرة).
2775 - (أوتروا) من الوتر بفتح أوله وبكسر والفتح لغة أهل الحجاز الفرد أي صلوا صلاة الوتر (قبل أن تصبحوا) أي تدخلوا في الصباح يعني في أية ساعة من الليل فيما بين صلاة العشاء والفجر ولا يختص بوقت من الليل فإذا طلع الفجر خرج وقته وفيه إيماء إلى أن تأخيره أفضل أي لمن وثق باليقظة.
- (حم م ت ه عن أبي سعيد) قال: سألوا النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الوتر فذكره الحاكم واستدركه فوهم.
2776 - (أوتيت) بالبناء للمجهول (مفاتيح) وفي رواية مفاتح (كل شيء إلا الخمس) المذكورة في قوله تعالى (
- (طب عن ابن عمر) بن الخطاب.
2777 - (أوتي موسى الألواح وأوتيت المثاني) أي السور التي تقصر عن المئين فتزيد على المفصل كأن المئين جعلت مبادي والتي تليها مثاني.
- (أبو سعيد النقاش) بفتح النون وشد القاف وبعد الألف شين معجمة نسبة لمن ينقش السقوف وغيرها بغدادي في حديثه مناكير (في فوائد العراقيين) أي في جزئه الحديثي الذي جمعه في ذلك (عن ابن عباس).
2778 - (أوثق عرى الإيمان) أي أقواها أو أثبتها وأحكمها جمع عروة وهي في الأصل ما يعلق به نحو دلو أو كوز فاستعير لما يتمسك به من أمر الدين ويتعلق به من شعب الإيمان وقال الحرالي: العروة ما يشد به العباءة ونحوها يتداخل بعضها في بعض دخولاً لا ينفصم بعضه من بعض إلا بفصم طرفه فإذا انفصمت منه عروة انفصم جميعه وقال الزمخشري: هذا تمثيل للمعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصور السامع كأنه ينظر إليه بعينه فبحكم اعتقاده والتيقن به (الموالاة) أي التحابب والمعاونة (في اللّه) أي فيما يرضيه (والمعاداة في اللّه) أي فيما يبغضه ويكرهه (والحب في اللّه والبغض في اللّه عز وجل) قال مجاهد: عن ابن عمر فإنك لا تنال الولاية إلا بذلك ولا تجد طعم الإيمان حتى تكون كذلك اهـ. ومن البغض في اللّه بغض كثير ممن ينسب نفسه للعلم في زمننا لما أشرق عليهم من مظاهر النفاق وبغضهم [ص 70] لأهل الخير فيتعين على من سلم قلبه من المرض أن يبغضهم في اللّه لما هم عليه من التكبر والغلظة والأذى للناس قال الشافعي: عاشر الكرام تعش كريماً ولا تعاشر اللئام فتنسب إلى اللؤم ومن ثم قيل مخالطة الأشرار خطر ومبالغة في الغرر كراكب بحر إن سلم من التلف لم يسلم قلبه من الحذر.
- (طب عن ابن عباس) وفي الباب عن البراء أيضاً كما خرجه الطيالسي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: تدرون أي عرى الإيمان أوثق؟ قلنا: الصلاة؟ قال: الصلاة حسنة وليست بذلك، قلنا: الصيام؟ قال: مثل ذلك حتى ذكرنا الجهاد فقال: مثل ذلك ثم ذكره.
2779 - (أوجب) فعل ماض أي عمل الداعي عملاً وجبت له به الجنة أو فعل ما يجب به الجنة والأول لابن حجر والثاني للمؤلف (إن ختم) دعاءه (بآمين) أي يقول آمين فذلك الفعل مما يوجب الجنة ويبعده من النار ويحتمل أن المراد أن إعطاءه المسؤول صار واجباً بذلك.
- (د عن أبي زهير النميري) بضم النون وفتح الميم وسكون المثناة نسبة إلى نمير بن عامر بن صعصعة قال: ألح رجل في المسألة فوقف النبي صلى اللّه عليه وسلم يستمع منه فذكره.
2780 - (أوحى اللّه تعالى إلى نبي من الأنبياء) أي أعلمه بواسطة الملك جبريل أو غيره والوحي لغة إعلام في خفاء وسرعة وشرعاً إعلام اللّه نبيه بما شاء (أن قل لفلان العابد) الملازم لعبادتي (أمّا زهدك في الدنيا فتعجلت به راحة نفسك) الزاهد في الدنيا المنقطع للتعبد إذ الزهد فيها يريح القلب والبدن كما قال الشافعي رضي اللّه تعالى عنه:
أمتّ مطامعي فأرحت نفسي * فإن النفس ما طمعت تهون
وأحييت القنوع وكان ميتا * وفي إحيائه عرضي مصون
والراحة زوال المشقة والتعب كما في المصباح وغيره (وأما انقطاعك لي) أي لأجل عبادتي (فتعززت بي) أي صرت بي عزيزاً (فماذا عملت فيما لي عليك قال: يا رب وماذا لك عليَّ قال) أي اللّه لنبيه قل له (هل عاديت فيَّ عدواً أو واليت فيًّ ولياً) زاد الحكيم في روايته وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال فيَّ ولم يعاد فيًّ اهـ. فذلك العابد ظنَّ أنه بزهده في الدنيا وانقطاعه عن أهلها قد بلغ الغاية وارتقى النهاية فأعلمه اللّه بأن ذلك مشوب بحظوظ نفسانية وأن ترك بعض ما لا يزن كله عند اللّه جناح بعوضة ليس بكبير أمر بالنسبة لأولئك الكمل، وإنما الذي عليه التعويل التصلب في مباراة أعداء اللّه ومباعدتهم ومعاداتهم
ترحل عن مقام الزهد قلبي * فأنت الحق وحدك في شهودي
أأزهد في سواك وليس شيء * أراه سواك يا سر الوجودي
-[ص 71] (حل خط) في ترجمة محمد بن الورد الزاهد (عن ابن مسعود) وفيه علي بن عبد الحميد قال الذهبي: مجهول وخلف بن خليفة أورده في الضعفاء وقال ثقة كذبه ابن معين.
2781 - (أوحى اللّه تعالى إلى ابراهيم: يا خليلي) أي يا صديقي فيا له من خطاب ما أشرفه (حسن خلقك) بضم اللام مع سائر الأنام (ولو مع الكفار) فإنك إن فعلت ذلك (تدخل مداخل الأبرار) أي الصادقين الأتقياء الذين أحسنوا طاعة مولاهم، تحروا محابه وتوقوا مكارهه (فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله في عرشي) أي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظله (وأن أسكنه حظيرة قدسي) أي جنتي وأصل الحظيرة موضع يحاط عليه لتأوي إليه الإبل والغنم يقيها نحو برد وريح وأن أدنيه من جواري بكسر الجيم وضمها والكسر أفصح أي أقرَّبه مني يقال جاوره مجاورة وجواراً إذا لاصقه في المسكن وقد امتثل هذا السيد الجليل أمر ربه فبلغ من حسن الخلق وكمال الدربة ما لم يبلغه أحد سواه إلا ما كان من ولده نبينا، انظر حين أراد أن ينصح أباه ويعظه فيما كان متورطاً فيه من الخطأ العظيم والزيغ الشنيع الذي عصى أمر العقل وانسلخ من قضية التمييز والغباوة التي لبس بعدها شيء كيف رتب الكلام معه في أحسن اتساق وساقه في أرشف مساق مع استعماله الملاطفة والمجاملة والرفق واللين والأدب الجميل وكمال حسن الخلق منتصحاً في ذلك بنصيحة ربه مسترشداً بإرشاده.
قال الراغب: التخلق والتشبيه بالأفاضل ضربان محمود وهو ما كان على سبيل الارتياض والتدرب على الوجه الذي ينبغي وبالمقدار الذي ينبغي، ومذموم وهو ما كان رياء وتصنعاً ويتحراه فاعله ليذكر به ويسمى تصنعاً وتشيعاً ولا ينفك صاحبه من اضطراب يدل على تشيعه.
قال العارف ابن عربي: ينبغي لطالب مقام الخلة أن يحسن خلقه لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم طائعهم وعاصيهم وأن يقوم في العالم مقام الحق فيهم فإن المرء على دين خليله من شمول الرحمة وعموم لطائفه من حيث لا يشعرهم أن ذلك الإحسان منه فمن عامل الخلق بهذه الطريقة صحت له الخلة وإذا لم يستطع بالظاهر لعدم الموجود أمدهم بالباطن فيدعو لهم بينه وبين ربه وهكذا حال الخليل فهو رحمة كله.
- (الحكيم) الترمذي عن أبي هريرة قال الزيلعي: وهذا معضل (طس عن أبي هريرة) وضعفه المنذري ولم يوجهه وقال الهيثمي: فيه مؤمل بن عبد الرحمن وهو ضعيف.
2782 - (أوحى اللّه إلى داود) عليه السلام يا داود (أن قل للظلمة لا يذكروني فإني أذكر من يذكرني وإن ذكري إياهم أن ألعنهم) أي أطردهم عن رحمتي وأبعدهم عن إكرامي ودار كرامتي قال حجة الإسلام: هذا في عاص غير غافل في ذكره فكيف إذا اجتمعت الغفلة والعصيان.
- (ابن عساكر) في ترجمة داود (عن ابن عباس) قضية صنيع المؤلف أنه لم يره مخرجاً لأحد من المشاهير وهو قصور فقد خرجه الحاكم والبيهقي في الشعب والديلمي باللفظ المزبور عن ابن عباس المذكور.
2783 - (أوحى اللّه إلى داود) عليه الصلاة والسلام (ما من عبد يعتصم) أي يتمسك (بي دون خلقي أعرف ذلك [ص 72] من نيته) أي والحال أني أعرف من نيته أنه يستمسك بي وحدي وأن ظاهره كباطنه في الإلتجاء والتعويل عليَّ وحدي وفي بعض النسخ أعرف ذلك من قلبه بدل نيته (فتكيده السماوات) السبع (بمن فيها) من الملائكة وغيرهم والكواكب وأفلاكها وغير ذلك من سائر خلق اللّه أي يخدعونه ويمكرون به يقال كاده كيداً أخدعه ومكر به والاسم المكيدة (إلا جعلت له من بين ذلك مخرجاً) أي مخلصاً من خداعهم له ومكرهم قال به بعضهم: وإنما قال تعالى أعرف ذلك إلخ وفيه نصرته بذلك إشارة إلى أنه مقام يعز وجوده في غالب الناس ولهذا قال في الحكم لا ترفعن إلى غيره حاجة هو موردها عليك فكيف يرفع غيره ما كان له هو واضعاً من لا يستطيع أن يرفع حاجة عن نفسه فكيف يستطيع أن يكون لها من غيره دافعاً اهـ في بعض الكتب المنزلة: يقول اللّه: وعزتي وجلالي وارتفاعي في علو مكاني لأقطعن أمل كل مؤمل لغيري باليأس ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس ولأنحينه من قربي ولأقطعنه من وصلي أتؤمل غيري وأنا الكريم وتطرق أبواب الغير وبيدي مفاتيحها وهي مغلقة وبابي مفتوح لمن دعاني من ذا الذي أملني لنائبة فقطعت به دونها ومن ذا الذي رجاني لعظيم وقطعت رجاه (وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماء من يديه) أي حجبت ومنعت عنه الطرق والجهات والنواحي التي يتوصل بها إلى الاستعلاء والسمو ونيل المطالب وبلوغ المآرب فمن اعتصم بمن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً واغتر بعرض الدنيا فهو المخذول في دينه الساقط من عين اللّه قال في الصحاح: السبب كل شيء يتوصل به إلى غيره وأسباب السماء نواحيها قال الزمخشري: الأسباب الوصل وتقول ما لي إليه سبب أي طرق والسمو العلو ويقال سما يسمو سمواً علا ومنه قيل سمت همته إلى معالي الأمور إذا طلب العز والشرف (وأرسخت الهوى من تحت قدميه) يحتمل أن الهوى بضم الهاء وكسر الواو وهو السقوط من علو إلى أسفل ويكون المعنى أثبت الهوى تحت قدميه فلا يزال في مهواه هابطاً عن منازل العز والشرف متباعداً عن مولاه ويحتمل أنه الهوى بالقصر وهو ميل النفس وإشرافها إلى مذموم والهوى أيضاً الشيء الخالي، ومن كلامهم لا تتبع الهوى فمن تبع الهوى قال الإمام الرازي في تفسيره: الذي جربته طول عمري أن الإنسان كلما عوّل في أمر على غير اللّه صار سبباً للبلاء والمحنة وإذا عول على اللّه ولم يرجع إلى أحد من الخلق حصل المطلوب على أحسن وجه فهذه التجربة قد استمرت من أول عمري إلى هذا الوقت، فعلم أن كل من استند في نصرته إلى الخلق بنفسه أو بوكيله أو بقلبه تخلفت عنه نصرة الحق تعالى إلا أن يكون مشهده أن نصرة الخلق من جملة نصرة الحق تعالى له من جهة أنه الملهم لهم أن ينصروه فإنه تعالى ينصر عبده بواسطة وبدونها والكل منه فلا يقدح ذلك في مقام الاستناد إليه تعالى بل هو أكمل لأن فيه استعمال الآلة وعدم تعطيلها (وما من عبد يطيعني إلا وأنا معطيه قبل أن يسألني وغافر له) ما فرط منه من الصغائر ومقيلاً له ما سقط فيه من هفوة أو عثرة (قبل أن يستغفرني) أي قبل أن يطلب مني الغفر أي الستر وإنما نزلناه على الصغائر والهفوات لأنه فرضه أولاً مطيعاً له.
- (ابن عساكر) في التاريخ (عن كعب بن مالك) ورواه عنه الديلمي أيضاً في الفردوس.
2784 - (أوسعوا مسجدكم) أيها المؤمنون الذين يعمرون مسجداً (تملؤوه) أي فإنكم مستكثرون حتى تملؤوه لأن الناس [ص 73] سيدخلون في دين اللّه أفواجاً فلا تنظروا إلى قلة عددكم اليوم وأصل الوسع تباعد الأطراف والحدود ذكره الحرالي.
- (طب) وكذا أبو نعيم والخطيب (عن كعب بن مالك) قال: مر النبي صلى اللّه عليه وسلم على قوم يبنون مسجداً فذكره قال الهيثمي: وفيه محمد بن درهم ضعيف انتهى وقال الذهبي في المهذب: هو واه، وفي الميزان عن جمع محمد هذا ضعيف ثم ساق له هذا الحديث وأقول فيه أيضاً يحيى الحماني قال الذهبي في الضعفاء: قال أحمد: كان يكذب جهاراً ووثقه ابن معين وقيس بن الربيع ضعفوه وهو صدوق.
2785 - (أوشك) بلفظ المضارع أي أقرب وأتوقع قال النحاة: واستعمال المضارع فيه أكثر من الماضي (أن تستحل أمتي فروج النساء والحرير) أي تستبيح الرجال وطء الفروج على وجه الزنا وتستبيح لبس الحرير الذي حرم عليهم لغير ضرورة وأراد بالأمة طائفتين منهم ويكون ذلك آخر الزمان.
- (ابن عساكر) في التاريخ (عن عليّ) أمير المؤمنين.
2786 - (أوصاني اللّه بذي القربى) أي ببرهم لأنهم أحق الناس بالمعروف قال الحرالي: هم المتوسلون بالوالدين لما لهم من أكيد الوصلة والقربى فعلي من القرابة وهو قرب في النسب الظاهر أو الباطن ذكره الحرالي (وأمرني أن أبدأ بالعباس ابن عبد المطلب) أي ببره فإنه عمي وعم الرجل صنو الأب فهو أب مجازاً.
- (ك عن عبد اللّه بن ثعلبة) بن صعير بمهملتين مصغراً ويقال ابن أبي صعير. قال في التقريب كأصله: له رواية ولم يثبت له سماع.
2787 - (أوصي الخليفة من بعدي) قال الحرالي: قيد به لأن الخليفة كثيراً ما يخلف الغائب بسوء وإن كان مصلحاً في حضوره (بتقوى اللّه) أي بمخافته والحذر من مخالفته (وأوصيه) ثانياً (بجماعة المسلمين أن يعظم كبيرهم) قدراً أو سناً (ويرحم صغيرهم) أي كذلك (ويوقر) أي يعظم (عالمهم) بشيء من العلوم الشرعية (وأن لا يضرهم فيذلهم) أي يهينهم ويحقرهم (ولا يوحشهم) أي يبعدهم ويقطع مودتهم ويعاملهم بالجفاء وعدم الوفاء (فيكفرهم) أي يلجئهم إلى تغطية محاسنه ونشر مساوئه وعيوبه ويجحدون نعمته ويتبرأون منه فيؤدي إلى تفرق الكلمة وتحرك الفتنة. قال الفارابي: الوحشة بين الناس الإنقطاع وبعد القلوب عن المودات وكفر النعمة جحدها وتغطيتها (وأن لا يغلق بابه دونهم) يعني يمنعهم عن الوصول إليه وعرض الظلامات عليه (فيأكل قويهم ضعيفهم) أو يستولي على حقه ظلماً قال الزمخشري: من المجاز فلان أكل غنمي وشربها وأكل مالي وشربه ثم الذي رأيته في نسخ البيهقي عقب قوله فيكفرهم وأن لا يخصيهم فيقطع نسلهم وليس قوله وألا يغلق إلخ ثابت في النسخ التي وقفت عليها فليحرر قال ابن العربي: قد جعل اللّه الخلافة مصلحة للخلق ونيابة عن الحق وضابطاً للقانون وكافاً عن الاسترسال بحكم الهوى وتسكيناً لثائرة الدماء وثائرة الغوغاء أولهم آدم وآخرهم عيسى والكل خليفة لكن من أطاع اللّه فهو خليفة له ومن أطاع الشيطان فهو خليفة للشيطان.
ذهب الصوفية إلى أن الخليفة على الحقيقة بعده القطب قال العارف ابن عربي: حضرت الخلافة التي هي محل الإرث والأنبياء انتشرت راياتها ولاحت أعلامها وأذعن الكل لسلطانها ثم خفيت بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا تظهر أبداً إلى يوم القيامة عموماً لكن قد تظهر خصوصاً، فالقطب [ص 74] معلوم غير معين وهو خليفة الزمان ومحل النظر والتجلي ومنه تصدر الآثار على ظاهر العالم وباطنه وبه يرحم ويعذب وله صفات إذا اجتمعت في خليفة عصر فهو القطب وإلا فهو غيره ومنه يكون الإمداد لملك ذلك العصر.
- (هق عن أبي أمامة) قال الذهبي: في المذهب وهذا لم يخرجوه.
2788 - (أوصيك أن لا تكون لعاناً) أي أن لا تلعن معصوماً فيحرم لعن المعصوم المعين فإن اللعنة تعود على اللاعن كما في خبر سبق وصيغة المبالغة هنا غير مرادة.
- (حم تخ طب) كلهم من طريق عبيد اللّه بن هودة الفريعي عن رجل من هجيم (عن جرموز) بالجيم الفريعي البصري قال: قلت: يا رسول اللّه أوصني فذكره وجرموز قال ابن السكن وابن أبي حاتم: له صحبة ونسبه ابن قانع فقال جرموز (بن أوس) بن جرير الهجيمي قال ابن حجر: ورأيت في رواية قال ابن هودة قال: حدثني جرموز فذكره فلعله سمعه عنه بواسطة ثم سمعه منه والرجل المبهم في الرواية الأولى جزم البغوي وابن السكن بأنه أبو تميمة الهجيمي. اهـ وقال الحافظ العراقي: لم يستحضره حيث قال في المغني فيه رجل لم يسم واقتصر على ذلك وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني من طريق عبيد اللّه بن هودة عن رجل عن جرموز وهي طريق رجالها ثقات وجرموز له صحبة.
2789 - (أوصيك أن تستحي من اللّه كما تستحي من الرجل الصالح من قومك) قال ابن جرير: هذا أبلغ موعظة وأبين دلالة بأوجز إيجاز وأوضح بيان إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح وذوي الهيئات والفضل أن يراه وهو فاعله واللّه مطلع على جميع أفعال خلقه فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه تجنب جميع المعاصي الظاهرة والباطنة فيا لها من وصية ما أبلغها وموعظة ما أجمعها.
|